كل الدنيا فانية

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
كل الدنيا فانية

منتدى روحي اجتماعي فني رياضي اعلامي ومعلوماتي


    سفر التكوين (5) يوسف والدخول في الشرنقة

    amer
    amer
    مشرف
    مشرف


    عدد المساهمات : 69
    تاريخ التسجيل : 27/03/2009
    العمر : 42
    الموقع : jordan

    سفر التكوين (5) يوسف والدخول في الشرنقة Empty سفر التكوين (5) يوسف والدخول في الشرنقة

    مُساهمة  amer الأربعاء أبريل 29, 2009 1:57 am

    سفر التكوين (5) يوسف والدخول في الشرنقة
    عماد حنا

    يوسف ... شخصية من أشهر الشخصيات، وتشتهر هذه الشخصية من منطلق نجاحه وصموده أمام التجربة ... ليس هذا فقط، ولكنه الرجل صاحب الأحلام والرؤى ... الرجل الذي وصفه الكتاب أن الرب كان معه ( فكان الرب مع يوسف فكان رجلا ناجحا )
    ولكن أحيانا ننسي في دراستنا لهذه الشخصية أمرين في غاية الأهمية ... الأمر الاول أنه هو من نقل عائلته من تلك الأرض التي وعد بها الله ابراهيم الى أرض غريبة ... والأمر الثاني هو أنه لم يستطع أن يرجع الى الأرض الموعودة من جديد وتحولت هذه الفكرة الى رغبة وأشواق قلب.
    وقد يتساءل البعض عن مدى أهمية هاذين الأمرين في دراسة يوسف ... نعود ونذكر أن الهدف ليس دراسة الشخصية في حد ذاتها بل دراسة الإعلانات الالهية اوالمحطات التي تمت في طريق رحلة الفداء ... وكان هاذين الأمرين محطة لا يمكن تفاديها في رحلة الفداء

    كيف؟

    عائلة تنتقل بالكامل لتتحول في النهاية الى شعب كبير

    الباحث المدقق نجد أن النقل االذي تم من أرض الكنعانيين إلى أرض مصر تم بسبب ما اقترفه أخوة يوسف من خطأ ... إذ باعوا واحد منهم للعبودية ... فتحولوا من أحرار الى عبيد بصورة تلقائية ... فأخ العبد هو أيضاً عبد ... وهذا تم بالفعل ... عندما أصبح يوسف الرجل الثاني في مصر كان هذا الأمر يعد نجاح شخصي ... ومكافأة لأمانة يوسف، وأيضاً من ضمن الأسباب أنه كان لاستبقاء حياة ... كل هذا جيد، ولكن كل هذا لا ينهي العبودية التي تمت نتيجة للبيع الذي حدث في البداية.
    في الواقع لقد انضم يوسف للأسرة الحاكمة، ويقول التاريخ أنه في هذا الوقت كانت كل الاسرة الحاكمة لا حق لها في مصر ... لقد كانت هذه الأسرة من الرعاة ( الهكسوس) الآتين من الشرق،
    ونلاحظ أن يوسف أوصى أخوته أن يقولوا انهم رعاة غنم على الرغم أن رعاية الغنم رجس عند المصريين وهذا ماحدث بالفعل
    "فَقَالَ فِرْعَوْنُ لإِخْوَتِهِ: «مَا صِنَاعَتُكُمْ؟» فَقَالُوا لِفِرْعَوْنَ: «عَبِيدُكَ رُعَاةُ غَنَمٍ نَحْنُ وَآبَاؤُنَا جَمِيعًا». 4 وَقَالُوا لِفِرْعَوْنَ: «جِئْنَا لِنَتَغَرَّبَ فِي الأَرْضِ، إِذْ لَيْسَ لِغَنَمِ عَبِيدِكَ مَرْعًى، لأَنَّ الْجُوعَ شَدِيدٌ فِي أَرْضِ كَنْعَانَ. فَالآنَ لِيَسْكُنْ عَبِيدُكَ فِي أَرْضِ جَاسَانَ" تكوين 47: 3، 4
    ذلك لأن الهكسوس كانوا أيضا رعاة غنم فكان كأنما يقول نحن بيئة واحدة وكلنا أغراب عن أر مصر ... ويحق لنا أن نأخذ مكاناً فيها مثلك تماماً
    وبالطبع بالنسبة لشعب مصر كان هذا الحكم نوع من الاستعمار سوف ينتهي مهما طالت المدة ... وقد حدث في آخر أيام يوسف انه تقاعد وصارت آخرته ليست كبدايته في مصر ... والمراقب للأحداث يرى أن يوسف عندما دفن أباه يعقوب كان لايزال في الحكم ... فناح شعب مصر على يعقوب أيام طوال ... أما لما مات يوسف نفسه فلم يبكيه أحد ... لأنه كان قد خرج من الحكم وبدأت رحلة العبودية الحقيقية التي تمت بسبب حقد وكراهية أخوة يوسف له (قارن بين المناحتين في تكوين 50)

    ولكن هذا لا ينفي التدبير الالهي لهذا الأمر فالله كان يريد أن يخلق شعباً ليكون مناسباً ليتم من خلاله مهمة الخلاص ... فكان الانتقال الى مصر بمثابة البشرنقة التي تدخل اليها الدودة كمرحلة من مراحل حياتها حتى تتحول خلال هذه الفترة الى فراشة جميلة ... وكان هذا ما قاله ليعقوب حتى يستطيع أن يترك أرض ابراهيم وينزل الى مصر ففي الاصحاح السادس والاربعين يقول الوحي (فَقَالَ: «هأَنَذَا». 3 فَقَالَ: «أَنَا اللهُ، إِلهُ أَبِيكَ. لاَ تَخَفْ مِنَ النُّزُولِ إِلَى مِصْرَ، لأَنِّي أَجْعَلُكَ أُمَّةً عَظِيمَةً هُنَاكَ. 4 أَنَا أَنْزِلُ مَعَكَ إِلَى مِصْرَ، وَأَنَا أُصْعِدُكَ أَيْضًا. وَيَضَعُ يُوسُفُ يَدَهُ عَلَى عَيْنَيْكَ».)
    وهذا ما قد كان ... في تلك الشرنقة تحول اسرائيل من عائلة كبيرة قوامها 70 شخص الى شعب ضخم يزيد عن المليونين ... الأمر الذي ما كان سيحدث لو لم ينتقل الى ارض مصر ... وذلك هو التدبير الالهي المحكم لخطة الخلاص ...

    احتاج الشعب الى الحرية وطلبها ... وهذا نموذج مبسط للخلاص

    باع الشعب نفسه عبداً وهذا يذكرني بالعبودية التي تمت عندما باع آدم نفسه للشيطان بتمرده على الوصايا الالهية ... وما هي النتيجة ... عبودية لا فكاك منها ... تحتاج الى مخلص يخرجنا من ارض العبودية ومخلص يجعلنا نتذوق أمجاد الحياة في تلك الأرض التي تفيض لبناً وعسلا ... وهذه كلها محطات لابد من دراستها ...
    عزيزي القاريء ... أتركك مع الأصحاحات الأخيرة من سفر التكوين بدءاً بالأصحاح 37 وحتى النهاية لتستمتع بقصة يوسف ... متذكراً ذلك البعد الجديد الذي قلما ندرسه
    باع أخوة يوسف اخوهم فصاروا مع الوقت كلهم عبيداً
    دخلت عائلة يوسف شرنقة العبودية في مصر وخرجت شعب لمهمة عظيمة
    وهذه هي محطة من محطات الخلاص والفداء التي تمت وقص احداثها لنا الكتاب المقدس
    عماد حنا

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس مارس 28, 2024 4:15 am