الآرامية لفظة تشمل مجموعة لغوية غنية و معقدة تتفرع الى لهجات سامية نطقت بها القبائل الآرامية المنتشرة في مختلف انحاء الشرق الاوسط. و قد تعلم الآراميون من الكنعانيين فن الكتابة الابجدية وحاولوا استعمال اللغة الكنعانية في كتاباتهم، غير أنهم كشفوا عن ذواتهم باستعمالهم تعابير آرامية مثل مقطع "بو" و "بيت". و سرعان ماتخلوا عن الكنعانية و أخذوا في استعمال لغتهم الخاصة. ان أقدم النصوص التي وصلتنا باللغة الآرامية ترقى إلى القرنين العاشر و التاسع قبل الميلاد، و فيها يبدو التطور واضحاَ من اللغة الكنعانية إلى اللغة الآرامية.
لقد دأب العلماء على تقسيم اللغة أو اللهجات الآرامية إلى فئتين كبريتين: شرقية وغربية، إلا أنه يبدو لنا من الأفضل تقسيمها إلى أربع فئات:
1- الآرامية القديمة
2- الآرامية الرسمية
3- الآرامية الغربية
4- الآرامية الشرقية
الآرامية القديمة: هي لغة الكتابات التي عثر عليها في شمال سوريا و التي ترقى الى الفترة التي ما بين القرنين العاشر والثامن قبل الميلاد، حينما تخلّى الآراميون عن اللغة الكنعانية و شرعوا يستعملون لهجتهم المحلية. ثم اخذت هذه اللهجة في التطور و الاكتمال. و لا يسعنا القول ان هذه اللهجة كانت سائدة لدى جماعات اخرى من الآراميين، لعدم توفر نصوص تعود الى تلك الحقبة ما خلا تلك التي اكتشفت في شمالي سوريا.
الآرامية الرسمية: ظهرت لهجة جديدة في الكتابات التي وردتنا من شمالي سوريا بعد هذه الحقبة، و في الكتابات الواردة في شريعة " بر ركوب" التي دونت اقدم اجزائها بالآرامية القديمة. و هذه اللهجة الجديدة هي التي تداولتها الوثائق الرسمية في مختلف المناطق الآشورية، ثم تبنتها الامبراطورية الفارسية بدورها كلغة رسمية في الدوائر الحكومية. ففي العهد الاشوري(1100 -612 ق.م) تبنت الدولة اللغة الآرامية و اصبح المشرفون على الشؤون الادارية يتقنونها اكثر من الاكادية، لا سيما في المناطق النائية حيث استعملوا للمراسلات نموذجاَ من الآرامية المبسطة. كما ان عادة إرفاق جداول آرامية بالالواح المسمارية اخذت تزداد منذ ذلك التاريخ حتى في قلب الامبراطورية. و كانت هذه الجداول ترجمة آرامية موجزة لما تحتويه الالواح المسمارية، لاستعمال التجار بنوع أخصّ. ان الآرامية التجارية صارت اساساَ للآرامية الرسمية، اذ تبناها الشعب في مختلف ارجاء الامبراطورية، مضلاً اياها في الاغراض الادبية على لغته الخاصة. كما نلاحظ في الالواح الأكّادية ان بعض الكتبة يسمون بـ"كتبة الآرامية". و نشاهد على تمثال " بر ركوب" في زنجرلي كاتباَ امامه و بيده ريشة و حبر و لوح مهيّأ للكتابة بهذه الآرامية الرسمية. و من الجدير بالذكر ان بر ركوب هذا كان عميلاً مخلصاً للملك الاشوري. كما نرى هذه الآرامية منحوتة في كثير من الاثقالت و الأختام و الآنية، أو منقوشة على الخزفيات.
و قد انتشرت الآرامية الرسمية انتشاراً واسعاً في العهد الآشوري، و ليس في الامبراطورية الآشورية فحسب (2 ملوك 18/13 -37) بل في الاقطار الاخرى ايضاً. فقد عثر على إناء من البرونز بالقرب من اولمبيا اليونانية تحمل اسماً محفوراً بالحروف الآرامية. و من المحتمل ان تكون الابجدية التي اخذها اليونان عن الساميين في آسيا الصغرى من النموذج الآرامي اكثر مما هي من النموذج الفينيقي. أما في مصر فإننا نجد كتابات بالآرامية منذ عهد اسرحدون (680 – 669 ق.م). و قد اشتهرت المخطوطات التي عثر عليها في اسوان او بالاحرى في الفنتين المصرية ( جزيرة الفيلة) هي عشر مخطوطات بيعت في اسوان سنة 1940. و اكتشفت في طرطوس قيليقية كتابات قد تكون اقدم من كتابات مصر. كما شقت هذه اللغة طريقها الى قلب الجزيرة العربية نفسها.
واستمرت الآرامية تشغل مكانتها المرموقة في العهد البابلي الحديث(626- 538 ق.م) وفي العهد الفارسي (538- 330 ق.م). و قد مرت هذه اللغة بفترة عصيبة في العهد اليوناني (312- 64 ق.م) حيث اخذت اللغة اليونانية تفرض نفوذهاعلى المناطق الهلنستية، غير انها قاومت هذا النفوذ، وظلّت سائدة في "الحضر" مثلاً رغم مظاهر الحضارة اليونانية الرومانية البادية في اطلالها. و عوّضت الآرامية عما فقدته في العهد اليوناني، إذ بسطت نفوذها في البلاد العربية حيث تداولها الأنباط و التدمريون حتى العهد المسيحي، و في فلسطين حيث تمسكت بها الجماعات التي ناهضت الثقافة اليونانية.
الآرامية الغربية: بينما كانت جماعات آرامية تتغلغل في منطقتي دجلة و الفرات، اتجهت غيرها نحو سوريا و فلسطين واستقرت هناك و اخذت تتكلم الآرامية بالاضافة الى الكنعانية. و بعد سقوط السامرة (721 ق.م)، انتشرت الآرامية فيها بواسطة الجاليات التي احلّها الآشوريون فيها. و لما عاد المسبيون من بابل الى فلسطين، كانت الآرامية و ليست العبرية هي اللغة التي يفهمها الجميع. فقد كتب خصوم المنفيين العائدين الى ملك الفرس بالآرامية (عزرا 4/7 ). و استلموا جوابه بالآرامية ايضاً. غير انه من المحتمل ان تكون تلك اللغة هي الآرامية الرسمية. اما عندما قراً عزرا كتاب الشريعة على العائدين، فان مترجميه " قراًوا في سفر توراة الله جهراً مبلغين المعنى حتى فهموا القراءة" (نحميا 8:8 )، و قد استعملوا دون شك اللهجة المحلية. و قد يكون سفر دانيال بكامله كتب بالآرامية ثم نقلت بدايته و نهايته الى العبرانية لتيسير تنسيقه في مجموعة الكتب المقدسة. اما كتب العهد القديم التي جاءت بالآرامية فهي عزرا 4: 8-6 18، 7: 12-22، دانيال 2: 4- 7: 36، ارميا 10: 11، و كلمتان من سفر التكوين 31: 47.
و بالرغم من سعة انتشار اليونانية. كانت الآرامية لاتزال لغة الشعب إبّان العهد الجديد، و لم تطردها إلاّ اللغة العربية بعد الغزو الاسلامي. ولكنها لم تنطفىء تماماً لانها لا تزال محكية في بعض قرى سوريا، و لو بصبغة متغيرة كثيراً.
إن شهرة الآرامية الرسمية كلغة الثقافة و الشؤون الدولية أخّرت استعمالها للاغراض الادبية، مثلما اخّرت اللاتينية استعمال اللهجات المحكية في ايطاليا للشؤون الادبية مثلا. إلاّ ان فرقاً اخذت تستعمل لهجاتها المحلية للكتابة بدلاً من الآرامية الرسمية. و يمكننا ان نميز اربع لهجات سادت الآرامية الغربية.
أ- الآرامية اليهودية- الفلسطينية: ظهرت هذه اللهجة بالكلمات الآرامية و التعابير الواردة في يونانية العهد الجديد و قد بقيت هذه العبارات بصيغتها الآرامية في العهد الجديد (متى 27: 46، مرقس 3: 17، 5: 41، 7: 34، 14:36، 15: 34، اعمال الرسل 9: 36، 1: 19، 1 كور 16: 22، روم 8 :15، غلاطية 4: 6). و كانت آرامية الجليل هي اللهجة التي نطق بها المسيح ورسله وهي تختلف اختلافاً واضحاً عن لهجة الجنوب السائدة آآنذاك في اورشليم وما حولها (متى 26: 73). و قد كتب التلمود الفلسطيني و أقدم المداريش بهذه اللهجة الجليلية نفسها. و بهذه اللهجة ايضاً جاء ترجوم "يوناثان" المنحول و الترجومات الاورشليمية و نتف من الترجوم الفلسطيني بنوع خاص. أما طريقة النطق بهذه اللهجة فليست أكيدة رغم ما تقوله القراءات الرابينية.
ب_ الآرامية السامرية: ان السامريين ترجيحاً للتوراة بلهجتهم الخاصة التي تقرب كثيراً من اللهجة الجليلية. و قد كتبوا بها ايضاً قطعاً طقسية و اناشيد و قصائد. أما الابجدية الغربية التي كتب بها السامريون آراميتهم فهي تطور محلي للخط الكنعاني القديم. و قد زالت هذه اللهجة بعد الغزو الاسلامي و حلت العربية محلّها.
ج_ آرامية فلسطين المسيحية: استمر المسيحيون الاولون في فلسطين دون شك يستعملون اللهجة المحلية فيما بينهم، و اصبحت اليونانية اللغة الرسمية للديانة الجديدة و بها كتب العهد الجديد ما خلا انجيل متى الآرامي الذي فقد نصه الاصلي و بقيت ترجمته اليونانية. و شعرت في سوريا و فلسطين الجماعات المسيحية التي انتحت جانب البيزنطيين بحاجة الى نصوص دينية بلهجتهم الخاصة، فقامت بترجمات معظمها من اليونانية لكلا العهدين و لعدة رتب طقسية، و تدعى هذه اللهجة بالاجماع " آرامية فلسطين المسيحية" التي كانت مستعملة كذلك لدى مسيحيي مصر الناطقين بالآرامية.
د- الآرامية الغربية الحديثة: لا زالت هذه الآرامية مستعملة في ثلاث قرى واقعة في الشمال الشرقي من دمشق و هي: معلولا وبخعا وجبعدين، و قد عانت تغييراً كبيراً و تأثرت الى حد بعيد في نحوها و الفاظها باللغات التي سادت تلك المنطقة، و لكنها تعتبر بقية حية للآرامية الغربية.
الآرامية الشرقية: كان للآراميين الذين غزوا منطقة دجلة والفرات لهجاتهم المحلية الخاصة المختلفة عن الآرامية الرسمية. و قد أصبح بعض هذه اللهجات مكتوباً و مستعملاً للاغراض الادبية ايضاً. و انتشرات هذه اللهجات المحلية حتى في جبال أرمينيا و كردستان. و يمكننا ان نميّز في هذه الآرامية الشرقية اربع فئات ايصاً:
أ- الآرامية اليهودية- البابلية: و هي ظاهرة في التلمود البابلي و في وثائق ترقى إلى ما بين القرنين الثاني و السابع للميلاد. و لم تكن هذه اللهجة موحدة، و يبدو اختلاف صيغها حتى في التلمود نفسه. أما كيفية التلفظ بها، فشأنها شأن الآرامية اليهودية- الفلسطينية، و هي تتبع الطريق المصطلحة لدى السلطات الرابينية التي كانت تتدواولها.
ب_ الماندية: كتب المانديون في العراق أدبهم بهذه الآرامية الشرقية. فهناك وثائق لهذه الديانة المستقلة كتبت بلغة تطورت محلياً من الآرامية القديمة، قد تكون صيغة صافية من الآرامية الشرقية غير المتأثرة بالعبرانية، كاللهجة اليهودية، أو باليونانية، كما هي الحال مع السريانية. و لكن الوثائق التي وصلتنا بهذا اللهجة ترقى جميعها إلى حقبة متأخرة، و قد طرأ عليها تغيير لفظي كبير و تأثرت كثيراً باللغة العربية.
لقد دأب العلماء على تقسيم اللغة أو اللهجات الآرامية إلى فئتين كبريتين: شرقية وغربية، إلا أنه يبدو لنا من الأفضل تقسيمها إلى أربع فئات:
1- الآرامية القديمة
2- الآرامية الرسمية
3- الآرامية الغربية
4- الآرامية الشرقية
الآرامية القديمة: هي لغة الكتابات التي عثر عليها في شمال سوريا و التي ترقى الى الفترة التي ما بين القرنين العاشر والثامن قبل الميلاد، حينما تخلّى الآراميون عن اللغة الكنعانية و شرعوا يستعملون لهجتهم المحلية. ثم اخذت هذه اللهجة في التطور و الاكتمال. و لا يسعنا القول ان هذه اللهجة كانت سائدة لدى جماعات اخرى من الآراميين، لعدم توفر نصوص تعود الى تلك الحقبة ما خلا تلك التي اكتشفت في شمالي سوريا.
الآرامية الرسمية: ظهرت لهجة جديدة في الكتابات التي وردتنا من شمالي سوريا بعد هذه الحقبة، و في الكتابات الواردة في شريعة " بر ركوب" التي دونت اقدم اجزائها بالآرامية القديمة. و هذه اللهجة الجديدة هي التي تداولتها الوثائق الرسمية في مختلف المناطق الآشورية، ثم تبنتها الامبراطورية الفارسية بدورها كلغة رسمية في الدوائر الحكومية. ففي العهد الاشوري(1100 -612 ق.م) تبنت الدولة اللغة الآرامية و اصبح المشرفون على الشؤون الادارية يتقنونها اكثر من الاكادية، لا سيما في المناطق النائية حيث استعملوا للمراسلات نموذجاَ من الآرامية المبسطة. كما ان عادة إرفاق جداول آرامية بالالواح المسمارية اخذت تزداد منذ ذلك التاريخ حتى في قلب الامبراطورية. و كانت هذه الجداول ترجمة آرامية موجزة لما تحتويه الالواح المسمارية، لاستعمال التجار بنوع أخصّ. ان الآرامية التجارية صارت اساساَ للآرامية الرسمية، اذ تبناها الشعب في مختلف ارجاء الامبراطورية، مضلاً اياها في الاغراض الادبية على لغته الخاصة. كما نلاحظ في الالواح الأكّادية ان بعض الكتبة يسمون بـ"كتبة الآرامية". و نشاهد على تمثال " بر ركوب" في زنجرلي كاتباَ امامه و بيده ريشة و حبر و لوح مهيّأ للكتابة بهذه الآرامية الرسمية. و من الجدير بالذكر ان بر ركوب هذا كان عميلاً مخلصاً للملك الاشوري. كما نرى هذه الآرامية منحوتة في كثير من الاثقالت و الأختام و الآنية، أو منقوشة على الخزفيات.
و قد انتشرت الآرامية الرسمية انتشاراً واسعاً في العهد الآشوري، و ليس في الامبراطورية الآشورية فحسب (2 ملوك 18/13 -37) بل في الاقطار الاخرى ايضاً. فقد عثر على إناء من البرونز بالقرب من اولمبيا اليونانية تحمل اسماً محفوراً بالحروف الآرامية. و من المحتمل ان تكون الابجدية التي اخذها اليونان عن الساميين في آسيا الصغرى من النموذج الآرامي اكثر مما هي من النموذج الفينيقي. أما في مصر فإننا نجد كتابات بالآرامية منذ عهد اسرحدون (680 – 669 ق.م). و قد اشتهرت المخطوطات التي عثر عليها في اسوان او بالاحرى في الفنتين المصرية ( جزيرة الفيلة) هي عشر مخطوطات بيعت في اسوان سنة 1940. و اكتشفت في طرطوس قيليقية كتابات قد تكون اقدم من كتابات مصر. كما شقت هذه اللغة طريقها الى قلب الجزيرة العربية نفسها.
واستمرت الآرامية تشغل مكانتها المرموقة في العهد البابلي الحديث(626- 538 ق.م) وفي العهد الفارسي (538- 330 ق.م). و قد مرت هذه اللغة بفترة عصيبة في العهد اليوناني (312- 64 ق.م) حيث اخذت اللغة اليونانية تفرض نفوذهاعلى المناطق الهلنستية، غير انها قاومت هذا النفوذ، وظلّت سائدة في "الحضر" مثلاً رغم مظاهر الحضارة اليونانية الرومانية البادية في اطلالها. و عوّضت الآرامية عما فقدته في العهد اليوناني، إذ بسطت نفوذها في البلاد العربية حيث تداولها الأنباط و التدمريون حتى العهد المسيحي، و في فلسطين حيث تمسكت بها الجماعات التي ناهضت الثقافة اليونانية.
الآرامية الغربية: بينما كانت جماعات آرامية تتغلغل في منطقتي دجلة و الفرات، اتجهت غيرها نحو سوريا و فلسطين واستقرت هناك و اخذت تتكلم الآرامية بالاضافة الى الكنعانية. و بعد سقوط السامرة (721 ق.م)، انتشرت الآرامية فيها بواسطة الجاليات التي احلّها الآشوريون فيها. و لما عاد المسبيون من بابل الى فلسطين، كانت الآرامية و ليست العبرية هي اللغة التي يفهمها الجميع. فقد كتب خصوم المنفيين العائدين الى ملك الفرس بالآرامية (عزرا 4/7 ). و استلموا جوابه بالآرامية ايضاً. غير انه من المحتمل ان تكون تلك اللغة هي الآرامية الرسمية. اما عندما قراً عزرا كتاب الشريعة على العائدين، فان مترجميه " قراًوا في سفر توراة الله جهراً مبلغين المعنى حتى فهموا القراءة" (نحميا 8:8 )، و قد استعملوا دون شك اللهجة المحلية. و قد يكون سفر دانيال بكامله كتب بالآرامية ثم نقلت بدايته و نهايته الى العبرانية لتيسير تنسيقه في مجموعة الكتب المقدسة. اما كتب العهد القديم التي جاءت بالآرامية فهي عزرا 4: 8-6 18، 7: 12-22، دانيال 2: 4- 7: 36، ارميا 10: 11، و كلمتان من سفر التكوين 31: 47.
و بالرغم من سعة انتشار اليونانية. كانت الآرامية لاتزال لغة الشعب إبّان العهد الجديد، و لم تطردها إلاّ اللغة العربية بعد الغزو الاسلامي. ولكنها لم تنطفىء تماماً لانها لا تزال محكية في بعض قرى سوريا، و لو بصبغة متغيرة كثيراً.
إن شهرة الآرامية الرسمية كلغة الثقافة و الشؤون الدولية أخّرت استعمالها للاغراض الادبية، مثلما اخّرت اللاتينية استعمال اللهجات المحكية في ايطاليا للشؤون الادبية مثلا. إلاّ ان فرقاً اخذت تستعمل لهجاتها المحلية للكتابة بدلاً من الآرامية الرسمية. و يمكننا ان نميز اربع لهجات سادت الآرامية الغربية.
أ- الآرامية اليهودية- الفلسطينية: ظهرت هذه اللهجة بالكلمات الآرامية و التعابير الواردة في يونانية العهد الجديد و قد بقيت هذه العبارات بصيغتها الآرامية في العهد الجديد (متى 27: 46، مرقس 3: 17، 5: 41، 7: 34، 14:36، 15: 34، اعمال الرسل 9: 36، 1: 19، 1 كور 16: 22، روم 8 :15، غلاطية 4: 6). و كانت آرامية الجليل هي اللهجة التي نطق بها المسيح ورسله وهي تختلف اختلافاً واضحاً عن لهجة الجنوب السائدة آآنذاك في اورشليم وما حولها (متى 26: 73). و قد كتب التلمود الفلسطيني و أقدم المداريش بهذه اللهجة الجليلية نفسها. و بهذه اللهجة ايضاً جاء ترجوم "يوناثان" المنحول و الترجومات الاورشليمية و نتف من الترجوم الفلسطيني بنوع خاص. أما طريقة النطق بهذه اللهجة فليست أكيدة رغم ما تقوله القراءات الرابينية.
ب_ الآرامية السامرية: ان السامريين ترجيحاً للتوراة بلهجتهم الخاصة التي تقرب كثيراً من اللهجة الجليلية. و قد كتبوا بها ايضاً قطعاً طقسية و اناشيد و قصائد. أما الابجدية الغربية التي كتب بها السامريون آراميتهم فهي تطور محلي للخط الكنعاني القديم. و قد زالت هذه اللهجة بعد الغزو الاسلامي و حلت العربية محلّها.
ج_ آرامية فلسطين المسيحية: استمر المسيحيون الاولون في فلسطين دون شك يستعملون اللهجة المحلية فيما بينهم، و اصبحت اليونانية اللغة الرسمية للديانة الجديدة و بها كتب العهد الجديد ما خلا انجيل متى الآرامي الذي فقد نصه الاصلي و بقيت ترجمته اليونانية. و شعرت في سوريا و فلسطين الجماعات المسيحية التي انتحت جانب البيزنطيين بحاجة الى نصوص دينية بلهجتهم الخاصة، فقامت بترجمات معظمها من اليونانية لكلا العهدين و لعدة رتب طقسية، و تدعى هذه اللهجة بالاجماع " آرامية فلسطين المسيحية" التي كانت مستعملة كذلك لدى مسيحيي مصر الناطقين بالآرامية.
د- الآرامية الغربية الحديثة: لا زالت هذه الآرامية مستعملة في ثلاث قرى واقعة في الشمال الشرقي من دمشق و هي: معلولا وبخعا وجبعدين، و قد عانت تغييراً كبيراً و تأثرت الى حد بعيد في نحوها و الفاظها باللغات التي سادت تلك المنطقة، و لكنها تعتبر بقية حية للآرامية الغربية.
الآرامية الشرقية: كان للآراميين الذين غزوا منطقة دجلة والفرات لهجاتهم المحلية الخاصة المختلفة عن الآرامية الرسمية. و قد أصبح بعض هذه اللهجات مكتوباً و مستعملاً للاغراض الادبية ايضاً. و انتشرات هذه اللهجات المحلية حتى في جبال أرمينيا و كردستان. و يمكننا ان نميّز في هذه الآرامية الشرقية اربع فئات ايصاً:
أ- الآرامية اليهودية- البابلية: و هي ظاهرة في التلمود البابلي و في وثائق ترقى إلى ما بين القرنين الثاني و السابع للميلاد. و لم تكن هذه اللهجة موحدة، و يبدو اختلاف صيغها حتى في التلمود نفسه. أما كيفية التلفظ بها، فشأنها شأن الآرامية اليهودية- الفلسطينية، و هي تتبع الطريق المصطلحة لدى السلطات الرابينية التي كانت تتدواولها.
ب_ الماندية: كتب المانديون في العراق أدبهم بهذه الآرامية الشرقية. فهناك وثائق لهذه الديانة المستقلة كتبت بلغة تطورت محلياً من الآرامية القديمة، قد تكون صيغة صافية من الآرامية الشرقية غير المتأثرة بالعبرانية، كاللهجة اليهودية، أو باليونانية، كما هي الحال مع السريانية. و لكن الوثائق التي وصلتنا بهذا اللهجة ترقى جميعها إلى حقبة متأخرة، و قد طرأ عليها تغيير لفظي كبير و تأثرت كثيراً باللغة العربية.