المواطنة هي الانتماء والولاء للوطن الذي يحتضن كل مكونات السكاني في البلد على اختلاف التنوع العرقي والديني والمذهبي ، الأمر الذي يقتضي أن تذوب كل خلافاتهم واختلافاتهم عند حدود المشاركة والتعاون في بناء الوطن وتنميته والحفاظ على العيش المشترك فيه.
وحق المواطنة يحتم على الدولة أن يكون جميع مواطنيها متساوين أمام القانون لا يُميز القانون مجموعة عرقية أو دينية أو مذهبية معينة على حساب أخرى وإلا تغلبت النزعة الدينية أو العرقية على الانتماء للوطن.
ونجد في الوطن الواحد أغلبية عرقية أودينية وهي مجموعة تمثل أكثر من نصف العدد ... ونجد الأقلية وهي جماعة فرعية تعيش بين الجماعة الأكبر عدداً ، وتكوِّن مجتمعاً تربطه ملامح تميزه عن المحيط الإجتماعي حوله، وتعتبر نفسها مجتمعاً يعاني من تسلط مجموعة تتمتع بمنزلة اجتماعية أعلى وامتيازات أعظم تهدف إلى حرمان الأقلية من ممارسة كاملة لمختلف صنوف الأنشطة الاجتماعية أو الاقتصادية والسياسية ، بل تجعل لهم دوراً محدوداً في مجتمع.
مثلا في أميركا كان السود أقلية عرقية مستعبدة، والبيض أغلبية عرقية متسلطة، كان الدستور والقوانين يضعها البيض وكان هناك تميِّز عنصري (1) ضد السود ...
إلا أننا نجد كفاح من السود ضد التميِّز العرقي والرِّق والقوانين التي اسعبدتهم وأذلتهم ... واستمر كفاحهم، وساندهم فيه المنصفون من البيض ... وبعد كفاح مستمر ومتواصل انتزعوا إعلان تحرير العبيد في 22 سبتمبر 1862 على يد الرئيس الأمريكي "أبراهام لينكولن".
ورغم انتهاء نظام الرق والاستعباد إلا أن التميِّز العنصري ضد السود استمر إلى أن أتى "مارتن لوثر كنج جونيور" وهو زعيم أمريكي من أصول أفريقية ، وقس وناشط سياسي إنساني، من المطالبين بإنهاء التمييز العنصري ضد السود، وهو من أهم الشخصيات التي دعت إلى الحرية وحقوق الإنسان.
وقام أفارقة أمريكا في عام 1963 بثورة لم يسبق لها مثيل في قوتها اشترك فيها 250 ألف شخص، منهم نحو 60 ألفا من البيض متجهة نحو النصب التذكاري لـ "أبراهام لينكولن"، فكانت أكبر مظاهرة في تاريخ الحقوق المدنيِّة، وهنالك ألقى "كينج" أروع خطبه: أنى أحلم . "I have a dream" التي قال فيها .
إنني أحلم اليوم بأن أطفالي الأربعة سيعيشون يوما في شعب لا يكون فيه الحكم على الناس بألوان جلودهم، ولكن بما تنطوي عليه أخلاقهم .فدقت القلوب، في وقت لم تكن فيه أجراس الحرية تدق، فما أن مضت ثمانية عشر يوما حتى صُعق مارتن لوثر كينج وملايين غيره من الأمريكيين بحادث وحشي، إذ ألقيت قنبلة على الكنيسة المعمدانية التي كانت في ذلك الوقت تمتلئ بتلاميذ يوم الأحد من الزنوج؛ فأسرع "كينج" مرة أخرى إلى مدينة برمنجهام، وكان له الفضل في تفادي انفجار العنف.
يعتبر كثيرون أن رسالة "لوثر كينج" قد تحققت وأن التفرقة العنصرية قد انتهت في اليوم الذي فاز به "باراك أوباما" بالانتخابات الرئاسة 2008 وقد حصل السود من الناحية القانونية على حقوقهم المدنية (2)
ولم يكن ممكناً أن يُنتـَخب رئيس أمريكي من السود إلا بعد كفاح طويل عانت فيه أجيال من السود الذين سعي زعماؤهم للوحدة بدل من التفرقة ... واستعانوا بالكثيرين من المنصفين من الأغلبية البيضاء ... ولم ينالوا حقوقهم في يوم وليلة بل دفع الكثيرين الثمن، ولم يحصدوا الثمار إلا في الجيل الثاني والثالث من الكفاح المستمر !
ترى هل يحدث حالياً تميِّز عنصري ضد الأقليات العرقية والدينية في الشرق الأوسط ؟ أو هل يوجد اضطهاد هنا أو هناك ؟ أو على الأقل هل الأقليات في الشرق الأوسط لم تحصل على حقوقها المدنية ولم تتساوى مع الأغلبية أمام القانون في دول هذه المنطقة ؟
ترى هل يحدث حالياً تميِّز عنصري ضد الأقليات العرقية والدينية في الشرق الأوسط ؟ أو هل يوجد اضطهاد هنا أو هناك ؟ أو على الأقل هل الأقليات في الشرق الأوسط لم تحصل على حقوقها المدنية ولم تتساوى مع الأغلبية أمام القانون في دول هذه المنطقة ؟
فما هو دورك عملياً في إنهاء التفرقة بين أبناء الوطن الواحد سواء كنت من الأقلية أو من الأغلبية ؟!
منقوووووووووووول ...
وجيه عطــا
________________________________________
(1) التميِّز العنصري (بالإنجليزية: Racism) هي الأفعال والمعتقدات التي تـُقلل من شأن شخص ما كونه ينتمي لعرق أو لدين. كما يستخدم المصطلح ليصف الذين يعتقدون أن نوع المعاملة مع سائر البشر يجب أن تحكم بعرق وخلفية الشخص متلقي تلك المعاملة، وأن المعاملة الطيبة يجب أن تقتصر على فئة معينة دون سواها. وأن فئة معينة يجب أو لها الحق في أن تتحكم بحياة و مصير الأعراق الأخرى.
(2) الحقوق المدنية هي الحماية والامتيازات للسلطة الشخصية لجميع المواطنين بموجب القانون.