كم هو ساذج هذا العصفور !
بين الأحراش الوحشية في غابات أمريكا الجنوبية يعيش صيادو الوحوش طوال مواسم الصيد، حيث تمتلئ حياتهم بالمغامرات المثيرة. وقد روى أحدهم القصة التالية، فقال:
بعد جولة نهارية مرهقة بين الأحراش، جلست على جذع شجرة لأستريح، وفيما أنا جالس، شدت انتباهي صرخات عصفورة صغيرة، كانت ترف على عشها في جزع شديد، وقد بدى واضحاً أنها تواجه موقفاً عصيباً! واقتربت من مصدر الصوت في أعلى الشجرة المجاورة، فتبين لي سر انزعاجها، فقد كانت هناك حية كبيرة تزحف صاعدة فوق الشجرة، وعيناها شاخصتان إلى العش حيث يرقد أفراخ العصفورة الأم.
وبينما كانت الأم تصرخ جزعاً وخوفاً على عيالها، رأيت العصفور الأب يطير بعيداً، ويجول في الهواء وكأنه يبحث عن شيء ما. وبعد لحظات عاد وهو يحمل في منقاره غصناً صغيراً مُغطى بالورق، ثم اقترب من العش حيث كانت العصفورة تحتضن صغارها، فوضع الغصن الصغير فوقهم، وغطاهم بأوراقه العريضة، ثم وقف فوق غصن قريب يراقب الموقف، وينتظر وصول العدو!
وقلت لنفسي: كم هو ساذج هذا العصفور، أيحسب أن الحية الماكرة سوف تُخدع بهذه الحيلة البسيطة؟! ومرت لحظات من التوتر قبل أن تصل الحية إلى الموقع، والتفت حول غصن قريب، وعندما اقتربت من العش رفعت رأسها الكبير استعداداً لاقتحامه.
كان واضحاً أن كل شيء قد انتهى تماماً، غير أن ما حدث بعد ذلك كان مثيراً جداً، ففي اللحظة التي همت الحية باقتحام العش، توقفت واستدارت، ثم تحولت فجأة وأسرعت مبتعدة عن العش وكأنها أصيبت برصاص بندقية! وهبطت الحية عائدة إلى حيث أتت، وقد بدى اضطرابها واضحاً!
ولم أفهم ما حدث، لكني رأيت العصفور الأب يعود إلى العش لترتفع صوصوات العائلة السعيدة فرحاً بالنجاة. ويزيح الغصن من فوق الأفراخ فيسقطه إلى الأرض. فالتقطت الغصن واحتفظت به حتى التقيت بأحد خبراء الحياة البيولوجية في الأحراش اللاتينية، فقال لي أن هذه الأوراق تحتوي على مادة شديدة السمية قاتلة للحيات، حتى أنها تخاف رؤيتها، وترتعب من رائحتها، وتهرب من ملامستها!
وتعجبت من تلك القوانين المنضبطة التي تحكم الحياة بدقائقها المثيرة، فتساند الضعيف، وتتصدى للقوي، وتمنح العصفور الصغير علماً ومعرفة وحكمة وشجاعة وحباً وأبوة كهذه! سبحان الله، لقد وضع تخطيطاً محكماً لجميع مفردات الحياة – صغيرها وكبيرها – بسيطها وجليلها!
الرب يبارك حياتكم
منقووووووووووول للتأمل
بين الأحراش الوحشية في غابات أمريكا الجنوبية يعيش صيادو الوحوش طوال مواسم الصيد، حيث تمتلئ حياتهم بالمغامرات المثيرة. وقد روى أحدهم القصة التالية، فقال:
بعد جولة نهارية مرهقة بين الأحراش، جلست على جذع شجرة لأستريح، وفيما أنا جالس، شدت انتباهي صرخات عصفورة صغيرة، كانت ترف على عشها في جزع شديد، وقد بدى واضحاً أنها تواجه موقفاً عصيباً! واقتربت من مصدر الصوت في أعلى الشجرة المجاورة، فتبين لي سر انزعاجها، فقد كانت هناك حية كبيرة تزحف صاعدة فوق الشجرة، وعيناها شاخصتان إلى العش حيث يرقد أفراخ العصفورة الأم.
وبينما كانت الأم تصرخ جزعاً وخوفاً على عيالها، رأيت العصفور الأب يطير بعيداً، ويجول في الهواء وكأنه يبحث عن شيء ما. وبعد لحظات عاد وهو يحمل في منقاره غصناً صغيراً مُغطى بالورق، ثم اقترب من العش حيث كانت العصفورة تحتضن صغارها، فوضع الغصن الصغير فوقهم، وغطاهم بأوراقه العريضة، ثم وقف فوق غصن قريب يراقب الموقف، وينتظر وصول العدو!
وقلت لنفسي: كم هو ساذج هذا العصفور، أيحسب أن الحية الماكرة سوف تُخدع بهذه الحيلة البسيطة؟! ومرت لحظات من التوتر قبل أن تصل الحية إلى الموقع، والتفت حول غصن قريب، وعندما اقتربت من العش رفعت رأسها الكبير استعداداً لاقتحامه.
كان واضحاً أن كل شيء قد انتهى تماماً، غير أن ما حدث بعد ذلك كان مثيراً جداً، ففي اللحظة التي همت الحية باقتحام العش، توقفت واستدارت، ثم تحولت فجأة وأسرعت مبتعدة عن العش وكأنها أصيبت برصاص بندقية! وهبطت الحية عائدة إلى حيث أتت، وقد بدى اضطرابها واضحاً!
ولم أفهم ما حدث، لكني رأيت العصفور الأب يعود إلى العش لترتفع صوصوات العائلة السعيدة فرحاً بالنجاة. ويزيح الغصن من فوق الأفراخ فيسقطه إلى الأرض. فالتقطت الغصن واحتفظت به حتى التقيت بأحد خبراء الحياة البيولوجية في الأحراش اللاتينية، فقال لي أن هذه الأوراق تحتوي على مادة شديدة السمية قاتلة للحيات، حتى أنها تخاف رؤيتها، وترتعب من رائحتها، وتهرب من ملامستها!
وتعجبت من تلك القوانين المنضبطة التي تحكم الحياة بدقائقها المثيرة، فتساند الضعيف، وتتصدى للقوي، وتمنح العصفور الصغير علماً ومعرفة وحكمة وشجاعة وحباً وأبوة كهذه! سبحان الله، لقد وضع تخطيطاً محكماً لجميع مفردات الحياة – صغيرها وكبيرها – بسيطها وجليلها!
الرب يبارك حياتكم
منقووووووووووول للتأمل