أمطار الكلمة
سفر التكوين (4) يعقوب وأهمية التغيير الجذري
بقلم: عماد حنا
قصة يعقوب في سفر التكوين قصة شيقة وممتعة, وهي محطة هامة من محطات الخلاص الألهي ... فيعقوب هو الأب المباشر لذلك الشعب الذي منه تمت النبوات ، وهو أيضاً الذي من خلال نسله جاء ذلك الموعود به في سفر التكوين أصحاح 3 والعدد الخامس عشر " نسل المرأة يسحق رأس الحية".
في يعقوب أمرين هامين يجب دراستهما جيدا، في الواقع هما وجهان لعملة واحدة... نستطيع أن نلخصهما على النحو التالي:
1. البكورية والبركة ... حلم يعقوب الرئيسي الذي كرس نفسه له
2. اهمية الخلق والتغيير الجذري في خطة الخلاص
يبدأ الكلام عن يعقوب من الاصحاح السادس والعشرين من سفر التكوين ويمتد بمارثون طويل من الأحداث الى أن تنتهي حياته بموته في مصر في الاصحاح الخمسين من سفر التكوين ... ولكننا كما اعتدنا لن ندرس شخصية يعقوب في مراحل حياته المختلفة، فهذا ليس هدف دراستنا ... بل سندرس أهم موقف في حياة يعقوب من جهة خطة الخلاص ... لأنه يبين بدقة ما الذي يحدث عند قبول تلك البركة الالهية. والتي من خلالها يجتاز الانسان من كونه ابن للخطية ... ليصير ابن لله.
***
وفي الواقع اسم يعقوب ملتصق تماماُ مع لفظ (البركة) فالهدف الرئيسي الذي عاش لأجله يعقوب وأراد أن يحصل عليه هو الحصول على البركة ..
ما معنى البركة؟
دعونا نستخلص معناها من خلال الملاحظة الكتابية ولن أستعين بالمراجع فيكفي شرح الكتاب المقدس لها, نجد في سفر التكوين الإصحاح 25 ابتداء من العدد 12 يقول " وزرع إسحق في تلك الأرض فحصد في تلك السنة مئة ضعف لأن الله باركه. 13 وعظم شأن الرجل وتزايد غناه وأصبح واسع الثراء والنفوذ. 14 وصارت له ماشية . غنم وقطعان بقر وعبيد كثيرون " ومن هذا العدد والذي تستطيع أن ترى على مثاله آيات كثيرة تخص ابراهيم ويعقوب وأيوب ويعبيص ... الخ . من هذه الأعداد نفهم أن البركة هي الخير الوفير والغني والثروة ... و نرى هذا النوع من البركة بوضوح في حياة يعقوب وذلك في الأصحاح الثلاثون والحادي والثلاثون ... جيش كبير من الخيرات التي أمتلكها يعقوب ... ورغم كل هذه البركات نجد أنه يصدمنا بأنه لايزال يحتاج الى البركة .... ويطلبها من ذلك الانسان الذي صارعة حتى طلوع الفجر
"فبقي يعقوب وحده .وصارعه انسان حتى طلوع الفجر. ولما رأى انه لا يقدر عليه ضرب حقّ فخذه. فانخلع حقّ فخذ يعقوب في مصارعته معه. وقال اطلقني لانه قد طلع الفجر.فقال لا اطلقك ان لم تباركني. فقال له ما اسمك.فقال يعقوب. فقال لا يدعى اسمك في ما بعد يعقوب بل اسرائيل.لانك جاهدت مع الله والناس وقدرت. وسأل يعقوب وقال اخبرني باسمك.فقال لماذا تسأل عن اسمي.وباركه هناك"(تك32: 24- 32)
أن هذا الأمر مدهش جدا فبعد أن حصل يعقوب على بركة عظيمة جدا نتيجة لعمله مع لابان خاله من ماشية وغنم وزوجات وأولاد وكان من المفروض أنه عند هذا الحد أن تنتهي قصة طلب يعقوب للبركة فهو قد حصل على كل شئ يريده .. ولكن هذا لم يحدث فهو لا يزال يحتاج للبركة
من جديد أريد أن تباركني
ماذا تريد يا يعقوب ؟ .. بركة ؟ .. من جديد؟ .. وكل هذا .. الا يكفيك .. لماذا تريد المزيد .. هل هناك مفهوم آخر للبركة نحن لا نفهمة
تأمل معي
في تلك الحادثة وبعد ذلك الصراع , وقتها حصل يعقوب على البركة إذ قال الكتاب وباركه هناك .. ونلاحظ أن هذه الطلبة هي آخر طلبة ليعقوب فيها طلب الحصول على بركة .. لقد حصل على الشبع .. ونال البركة الحقيقية التي كان يريدها .. ولكن لنتأمل في حياة يعقوب بعد هذه البركة في عجالة ولنرى تأثير هذه البركة عليه :
1- صار أعرج طول حياته (تكوين 32: 33)
2- أنتهاك شرف دينة ابنته .. وما يتبعه من قتل مدينة كاملة نتيجة لهذا الأمر (تك34)
3- موت زوجته المفضلة راحيل (تك 35: 18)
4- فقدان ابنه المفضل يوسف (تك37: 18 – 36)
5- جوع في الارض وفقدان جزء كبير من ثروة يعقوب نتيجة لهذا الجوع ونتيجة لإستيراد القمح من مصر (تك 42)
6- فقدان شمعون في مصر قرابة العام (تك 42: 36)
أهذه هي البركة التي كنت تريدها يا يعقوب .. لا لم تكن هذه هي البركة ولكنها تبعات البركة التي جحصل عليها يعقوب, فالبركة الحقيقية التي نالها يعقوب هي عندما غير الله من اسمه والاسم يحمل صفات صاحبه .. فبدلا من أن يكون اسمه يعقوب (الذي يعبر عن التعقب والمطاردة) صار اسمه اسرائيل تك 33: 28 ومعنى اسرائيل (يجاهد مع الله ) ومن الممكن أن يترجم (أمير الله) ..
ومن هو الامير؟ اليس هو ابن الملك؟!!.. لقد تحمل يعقوب تبعات تلك البركة من فقدان كثير من ثروته التي جمعها نتيجة بركة أبوه الارضية الجسدية نتيجة لحصوله على مقام ورتبة عظيمة إذ صار اميرا مجاهدا مع الله , وأبناً لملك الملوك ورب الأرباب.
عزيزي : ها هي محطة جديدة يشرحها لنا الوحي المقدس ... في خطة الخلاص الألهي ... فعلى المستوي العام ... خلق الله الشعب (شعب اسرائيل ) والذي وصفهم الوحي أنهم أبناء لله ..." اسمعي ايتها السموات واصغي ايتها الارض لان الرب يتكلم.ربيت بنين ونشأتهم.اما هم فعصوا عليّ" (أشعياء 1: 2) ... وهذا الشعب هو الذي سيأتي منه المخلص ...
وعلى المستوى الشخصي ... قال الله لنا لا يوجد خلاص بدون خليقة جديدة ... تغيير كامل لتلك الخليقة الفاسدة ... وذلك من خلال تدخل الهي عنيف ... من الممكن أن ينتج عنه الم (يخمع على حق فخذه) ... أو نتائج صعبه (حمل الصليب) ... ولكن سيكون هناك مع هذه الخليقة الجديدة (الشبع) .... بركة تامة وكاملة .
لقد رأينا مع اسحق في الحلقة الماضية الكفارة الكاملة ... التي من خلالها انتهى حكم الموت بذلك البديل الذي حل مكان أسحق... وفي هذه الحلقة رأينا التغيير الشامل للطبيعة الساقطة من خلال بركة تأتي بعد صراع مع الله ... والله في خطته للخلاص يعد بالخليقة الجديدة ... ولكن متى؟ ... بعد أن تستسلم بالكامل لمشيئة الله في حياتك ... وتحمل الصليب ... وترضى بآلام المحبة
ما رأيك – هل تريد أن تنال مثل هذه البركة .. بركة التغيير الكلي لك .. بركة الخليقة الجديدة ، لقد صار يعقوب انسانا جديدا بإسم جديد... ربما تجد المعاناة والالم ولكنك ستجد أيضا رفقة الله محبته .. هل تريد أن تكون مجاهدا مع الله .. جهاد حقيقي .. ام انك لا زلت تهتم بتلك البركات الارضية الزائلة ..
هناك بركة .. وهناك بركة أخرى .. وعليك أن تختار ... ما هي نوع البركة التي تريدها؟
عماد حنا
***
سفر التكوين (4) يعقوب وأهمية التغيير الجذري
بقلم: عماد حنا
قصة يعقوب في سفر التكوين قصة شيقة وممتعة, وهي محطة هامة من محطات الخلاص الألهي ... فيعقوب هو الأب المباشر لذلك الشعب الذي منه تمت النبوات ، وهو أيضاً الذي من خلال نسله جاء ذلك الموعود به في سفر التكوين أصحاح 3 والعدد الخامس عشر " نسل المرأة يسحق رأس الحية".
في يعقوب أمرين هامين يجب دراستهما جيدا، في الواقع هما وجهان لعملة واحدة... نستطيع أن نلخصهما على النحو التالي:
1. البكورية والبركة ... حلم يعقوب الرئيسي الذي كرس نفسه له
2. اهمية الخلق والتغيير الجذري في خطة الخلاص
يبدأ الكلام عن يعقوب من الاصحاح السادس والعشرين من سفر التكوين ويمتد بمارثون طويل من الأحداث الى أن تنتهي حياته بموته في مصر في الاصحاح الخمسين من سفر التكوين ... ولكننا كما اعتدنا لن ندرس شخصية يعقوب في مراحل حياته المختلفة، فهذا ليس هدف دراستنا ... بل سندرس أهم موقف في حياة يعقوب من جهة خطة الخلاص ... لأنه يبين بدقة ما الذي يحدث عند قبول تلك البركة الالهية. والتي من خلالها يجتاز الانسان من كونه ابن للخطية ... ليصير ابن لله.
***
وفي الواقع اسم يعقوب ملتصق تماماُ مع لفظ (البركة) فالهدف الرئيسي الذي عاش لأجله يعقوب وأراد أن يحصل عليه هو الحصول على البركة ..
ما معنى البركة؟
دعونا نستخلص معناها من خلال الملاحظة الكتابية ولن أستعين بالمراجع فيكفي شرح الكتاب المقدس لها, نجد في سفر التكوين الإصحاح 25 ابتداء من العدد 12 يقول " وزرع إسحق في تلك الأرض فحصد في تلك السنة مئة ضعف لأن الله باركه. 13 وعظم شأن الرجل وتزايد غناه وأصبح واسع الثراء والنفوذ. 14 وصارت له ماشية . غنم وقطعان بقر وعبيد كثيرون " ومن هذا العدد والذي تستطيع أن ترى على مثاله آيات كثيرة تخص ابراهيم ويعقوب وأيوب ويعبيص ... الخ . من هذه الأعداد نفهم أن البركة هي الخير الوفير والغني والثروة ... و نرى هذا النوع من البركة بوضوح في حياة يعقوب وذلك في الأصحاح الثلاثون والحادي والثلاثون ... جيش كبير من الخيرات التي أمتلكها يعقوب ... ورغم كل هذه البركات نجد أنه يصدمنا بأنه لايزال يحتاج الى البركة .... ويطلبها من ذلك الانسان الذي صارعة حتى طلوع الفجر
"فبقي يعقوب وحده .وصارعه انسان حتى طلوع الفجر. ولما رأى انه لا يقدر عليه ضرب حقّ فخذه. فانخلع حقّ فخذ يعقوب في مصارعته معه. وقال اطلقني لانه قد طلع الفجر.فقال لا اطلقك ان لم تباركني. فقال له ما اسمك.فقال يعقوب. فقال لا يدعى اسمك في ما بعد يعقوب بل اسرائيل.لانك جاهدت مع الله والناس وقدرت. وسأل يعقوب وقال اخبرني باسمك.فقال لماذا تسأل عن اسمي.وباركه هناك"(تك32: 24- 32)
أن هذا الأمر مدهش جدا فبعد أن حصل يعقوب على بركة عظيمة جدا نتيجة لعمله مع لابان خاله من ماشية وغنم وزوجات وأولاد وكان من المفروض أنه عند هذا الحد أن تنتهي قصة طلب يعقوب للبركة فهو قد حصل على كل شئ يريده .. ولكن هذا لم يحدث فهو لا يزال يحتاج للبركة
من جديد أريد أن تباركني
ماذا تريد يا يعقوب ؟ .. بركة ؟ .. من جديد؟ .. وكل هذا .. الا يكفيك .. لماذا تريد المزيد .. هل هناك مفهوم آخر للبركة نحن لا نفهمة
تأمل معي
في تلك الحادثة وبعد ذلك الصراع , وقتها حصل يعقوب على البركة إذ قال الكتاب وباركه هناك .. ونلاحظ أن هذه الطلبة هي آخر طلبة ليعقوب فيها طلب الحصول على بركة .. لقد حصل على الشبع .. ونال البركة الحقيقية التي كان يريدها .. ولكن لنتأمل في حياة يعقوب بعد هذه البركة في عجالة ولنرى تأثير هذه البركة عليه :
1- صار أعرج طول حياته (تكوين 32: 33)
2- أنتهاك شرف دينة ابنته .. وما يتبعه من قتل مدينة كاملة نتيجة لهذا الأمر (تك34)
3- موت زوجته المفضلة راحيل (تك 35: 18)
4- فقدان ابنه المفضل يوسف (تك37: 18 – 36)
5- جوع في الارض وفقدان جزء كبير من ثروة يعقوب نتيجة لهذا الجوع ونتيجة لإستيراد القمح من مصر (تك 42)
6- فقدان شمعون في مصر قرابة العام (تك 42: 36)
أهذه هي البركة التي كنت تريدها يا يعقوب .. لا لم تكن هذه هي البركة ولكنها تبعات البركة التي جحصل عليها يعقوب, فالبركة الحقيقية التي نالها يعقوب هي عندما غير الله من اسمه والاسم يحمل صفات صاحبه .. فبدلا من أن يكون اسمه يعقوب (الذي يعبر عن التعقب والمطاردة) صار اسمه اسرائيل تك 33: 28 ومعنى اسرائيل (يجاهد مع الله ) ومن الممكن أن يترجم (أمير الله) ..
ومن هو الامير؟ اليس هو ابن الملك؟!!.. لقد تحمل يعقوب تبعات تلك البركة من فقدان كثير من ثروته التي جمعها نتيجة بركة أبوه الارضية الجسدية نتيجة لحصوله على مقام ورتبة عظيمة إذ صار اميرا مجاهدا مع الله , وأبناً لملك الملوك ورب الأرباب.
عزيزي : ها هي محطة جديدة يشرحها لنا الوحي المقدس ... في خطة الخلاص الألهي ... فعلى المستوي العام ... خلق الله الشعب (شعب اسرائيل ) والذي وصفهم الوحي أنهم أبناء لله ..." اسمعي ايتها السموات واصغي ايتها الارض لان الرب يتكلم.ربيت بنين ونشأتهم.اما هم فعصوا عليّ" (أشعياء 1: 2) ... وهذا الشعب هو الذي سيأتي منه المخلص ...
وعلى المستوى الشخصي ... قال الله لنا لا يوجد خلاص بدون خليقة جديدة ... تغيير كامل لتلك الخليقة الفاسدة ... وذلك من خلال تدخل الهي عنيف ... من الممكن أن ينتج عنه الم (يخمع على حق فخذه) ... أو نتائج صعبه (حمل الصليب) ... ولكن سيكون هناك مع هذه الخليقة الجديدة (الشبع) .... بركة تامة وكاملة .
لقد رأينا مع اسحق في الحلقة الماضية الكفارة الكاملة ... التي من خلالها انتهى حكم الموت بذلك البديل الذي حل مكان أسحق... وفي هذه الحلقة رأينا التغيير الشامل للطبيعة الساقطة من خلال بركة تأتي بعد صراع مع الله ... والله في خطته للخلاص يعد بالخليقة الجديدة ... ولكن متى؟ ... بعد أن تستسلم بالكامل لمشيئة الله في حياتك ... وتحمل الصليب ... وترضى بآلام المحبة
ما رأيك – هل تريد أن تنال مثل هذه البركة .. بركة التغيير الكلي لك .. بركة الخليقة الجديدة ، لقد صار يعقوب انسانا جديدا بإسم جديد... ربما تجد المعاناة والالم ولكنك ستجد أيضا رفقة الله محبته .. هل تريد أن تكون مجاهدا مع الله .. جهاد حقيقي .. ام انك لا زلت تهتم بتلك البركات الارضية الزائلة ..
هناك بركة .. وهناك بركة أخرى .. وعليك أن تختار ... ما هي نوع البركة التي تريدها؟
عماد حنا
***